بعض الناس وهبهم الله عقلاً عبقرياً لكنهم ، وما بين عبث طفولي أو عدم إدراك لخطورة ما يفعلونه، أوسذاجة الآخرين التي تشجعهم على التمادي فقد استغلوا مواهبهم بطريق غير قويم، وأحدهم هو الأمريكي المدعو فرانك ويليامز أباغنيل الذي قام بأكبر عمليات النصب والاحتيال وإنتحال الشخصيات وحين حكم عليه بالسجن طلب منه مكتب التحقيقات الفدرالي أن يدرب موظفيه على كشف التزوير في الوثائق وعمل بالفعل كأستشاري لديهم. في عام 2002 أنتج عنه فلماً سينمائياً بعنوان : أمسكني لو استطعت
من هو فرانك أباغنيل؟
ولد فرانك آباغنيل في نيويورك في 27 نيسان/ابريل 1948 من أب أمريكي وأم فرنسية وكان والده قد تعرف على أمه حين كان يعمل في الجزائر. عاش فرانك طفولة مستقرة في بداية الأمر، ولكن بسبب كثرة أسفار والده فقد قررت والدته الأنفصال في وقت بلغ فيه فرانك عمر 14 عام، فإنقلبت حياته رأساً على عقب ورحلت أمه وبقي مع والده الذي كان يعمل في بيع الكتب والقرطاسية ويساعده فرانك في عمله ومنها أصبح فرانك على صلة بالأعمال المصرفية
عملية الاحتيال الأولى
حينما كان فرانك بعمر 15 عام أعطاه أبوه شاحنة لتمشية أعماله وبطاقة إئتمانية يشتري بها الوقود من المحطة القريبة ، فخطرت بباله فكرة بأن يقنع مدير محطة الوقود بأن يشتري منه بطاريات واطارات سيارات ولوازم أخرى ثم يعيد بيعها اليه بسعر مخفض، فوافق مدير المحطة على ذلك لأنه هو الآخر سيستفيد لقاء إعادة بيع الحاجيات الى أشخاص آخرين، وهكذا أصبح الأب هو الضحية الأولى لفرانك أباغنيل وتحمل تكاليف بلغت 3400 دولاراً آنذاك
إبتكار حيلة طريفة
لاحظ فرانك أباغنيل بأن مكاتب تأجير السيارات في المطارات يضعون ما كسبوه من نقود في أكياس ويسقطونها في صندوق لكي تستلمها الشركة في اليوم التالي فتنكر في زي رجل أمن وأتجه الى المطار وهو يحمل لوحة كتب عليها: الصندوق عاطل ضع النقود لدى موظف الأمن حيث كان يضعها كل يوم على أحد الصناديق لشركة ما ويقف بإنتظار تسلم كيس نقود تلك الشركة، وهكذا أصبح يجمع نقوداً من هذه الفكرة، التي سخر منها فيما بعد، قائلاً كيف لم يكتشف أحد ما أن صندوق الامانات لايمكن أن يتعطل؟
التحايل على البنوك
قام فرانك أباغنيل بالعديد من حالات التحايل على البنوك مع كفاءته العالية في تزوير الوثائق فكان يفتح حساباً في بنك ما ويسحب من الرصيد بشيكات ثم يعيد فتح حسابات في بنوك أخرى فحقق في ذلك نجاحات باهرة قبل أن ينتقل الى أنتحال شخصيات
الكابتن فرانك أباغنيل كانت لدى فرانك أباغنيل رغبة شديدة في أن يطوف حول العالم ، وأمام هذه الرغبة قام بتزوير هوية طيار في شركة بان أمريكان الشهيرة وأتصل بهم مدعياً بأنه فقد بزته الرسمية في سفرة سابقة حين أرسلها للكوي، فزودته الشركة ببدلة جديدة على الفور، فلبسها وبدأ نشاطه بصفته طيار رغم صغر سنه إذ يعتقد بأنه ما بين سن 16 و18 عام فقد قام بالسفر في 261 رحلة جوية مجانية الى 26 دولة من دول العالم قاطعاً مسافات قدرت بنحو 1،6 مليون كيلومتراً وكانت جميع سفراته وإقامته ووجاب الطعام في فنادق الدرجة الأولى على نفقة شركة بان أمريكان في حالات عديدة كان الطيارون يتوددون اليه وحدث أن طلب البعض منهم أن يساعدهم في قيادة الطائرة بدلاً منهم ولم يكن ينقذه من هذا الموقف غير تشغيل الطيار الآلي، ثم قرر أن يترك هذه الشخصية بعد أن لاحظ بأن الشرطة كانت بإنتظاره في مطار نيو أورليانز أثناء نزوله من أحدى الرحلات فقام بتغيير سكنه وسجل في عقد الإيجار الجديد أنه طبيب، فكانت تلك هي الشخصية الثانية التي رغب في أن ينتحلها
المحامي فرانك أباغنيل
حينما كان يسافر بصفته طيار حدث أن أخبر أحدى المضيفات أنه فضلاً على وظيفته المزعومة كطيار، فأنه يدرس القانون في جامعة هارفارد، فعرفته على أحد معارفها وكان محامياً والذي عرض عليه لاحقاً وظيفة مهمة على أن يخضع لاختبار تسبقه دورة لثلاثة أسابيع، فلم يمانع وأنخرط فيها وعلى الرغم من فشله في الإمتحان لمرتين إلا أنه أدعى بأنه نجح في المحاولة الثالثة وقام بتزوير الأوراق المطلوبة لإثبات ذلك، وأنخرط في العمل ولكنه لاحظ أن أحد زملاءه كان يدقق في ماضيه ودراسته المزعومة، فقدم استقالته وترك المهنة
د. فرانك أباغنيل: طبيب أطفال
في أثناء تغيير سكنه حدث أن تعرف على طبيب يسكن في العمارة نفسها وحيث أنه قدم نفسه كطبيب كما هو مدون في أوراقه التي قدمها لعقد الإيجار، فقد عرض عليه الطبيب مساعدة المستشفى الذي يعمل فيه لحين أيجاد طبيب متفرغ ، فوافق على الفور ، ولكنه لم يستمر طويلاً حيث وقع في عدة مواقف حرجة حين كانت الممرضة تسأله عما يجب أن تفعله لحالة مرضية في طفل فكان لا يستيطع تقديم أي مشورة صحيحة
القبض على فرانك أباغنيل
في سفرة قام بها الى مونتبيليه في فرنسا حدث أن تعرفت عليه أحدى المضيفات التي سبق أن التقى بها من قبل ربما في موعد عاطفي، فأخبرت الشرطة عنه فتم إلقاء القبض عليه من الشرطة الفرنسية، ولدى إعلان الخبر طالبت 12 دولة بتسلمه لمحاكمته، لكنه حوكم على وجه السرعة في فرنسا وصدر الحكم بحقه بالسجن لمدة سنة خفضها القاضي الى ستة أشهر، لكنه وضع في سجن مدينة بيربغنان الرهيب، إذ وضع في زنزانة صغيرة خالية من الضوء وبلا فراش، ولا تواليت ما عدا جردل ما لبث أن أمتليء بعد أيام فكان عليه أن ينام فوق قاذوراته ، بعد انقضاء فترة حكمه تم تسليمه الى السويد حيث عومل معاملة إنسانية وكان يفترض أن يسلم الى إيطاليا، لكن السلطات السويدية أتفقت مع الولايات المتحدة على استلامه أما الدول التي طالبت بتسلمه لمحاكمة فهي أيطاليا، أسبانيا، تركيا، ألمانيا، بريطانيا، سويسرا، اليونان ، الدانمارك، النرويج، مصر، لبنان، قبرص فضلاً عن الدول التي سجن فيها وهي فرنسا والسويد والولايات المتحدة الأمريكية
الفرار من قبضة الشرطة
عند ترحيله الى الولايات المتحدة بصحبة مفتشين من مكتب التحقيقات الفيدرالي تمكن من الهرب من الطائرة البريطانية أثناء تباطؤها على أرض مطار نيويرك لتحويل مسارها ووفق ما أدلى به لاحقاً بأنه هرب من تواليت الطائرة وسقط على الأرض تحت جنح الظلام، وحين توقفت الطائرة بحث عنه مفتشوا المكتب لنحو ساعتين في الطائرة ولم يعثروا على أي أثر له وكان أباغنيل قد ركض الى سور المطار حال سقوطه على الأرض فتسلقه، قام بعدها بتغيير ملابسه وسحب مبلغاً من رصيده في البنك ثم أتجه لقطع تذكرة طائرة الى ساو باولو بالبرازيل، وفي أثناء وقوفه في الطابور، لاحظه أفراد الشرطة فألقوا القبض عليه، فأحتجز في مركز الحجر الفيدرالي في أتلانتا/جورجيا بإنتظار محاكمته وفي أثناء ذلك فر للمرة الثانية في مركز الحجر الفيدرالي تمكن من الهرب ثانية في نيسان/ابريل 1971 بمساعدة أحدى الفتيات من معارفه التي ادعت أنها تقوم بدراسة أجراءات السلامة والأمان في مراكز الأحتجاز فسمح لها أن تقابله ، وبعد تنقلات لعدة أيام أعيد القاء القبض عليه وتقديمه للمحاكمة ، حيث حكم عليه بالسجن لمدة 12 عام
إطلاق سراح مشروط
في عام 1974 كان فرانك أباغنيل قد قضى خمس سنوات في سجنه عرضت عليه الحكومة الفيدرالية إطلاق سراح بشرط قيامه بمعاونة مكتب التحقيقات الفيدرالي في التحقيق بجرائم السرقة والاحتيال والحالات المشتبه بها ولكن بلا مقابل وحيث أنه رفض العودة الى عائلته في نيويورك، لذا فقد وافقت له المحكمة أن يعيش في تكساس حاول البحث عن وظيفة شريفة يكسب منها عيشه منها طباخ ، بائع في سوبرماركت، وعامل سينما وغيرها ، فلم يوفق، إذا كان يطرد حالما يعلم أرباب العمل بماضيه وكونه سجين سابق كما أن تلك المهن كانت أقل من شأنه وخبراته
المهنة المناسبة
اخيراً خطرت بباله فكرة أنقذته من الجوع ، فقد لجأ الى أحد البنوك وقابل المدير، وأخبره بما فعله وما ناله من عقاب في السابق ، وعرض عليه أن يقوم بشرح ما لديه من خبرة في مجال الكشف عن التزوير وطرق الاحتيال والخدع التي كان يتبعها المحتالون آنذاك، وفي حالة تقديمه لمعلومات جديدة ومفيدة الى موظفي البنك، فأنه يستحق لقاء ذلك مبلغ 500 دولار، وأن يزودونه بتوصية الى البنوك الأخرى ، وبعكس ذلك فإنه لن يطالبهم بأي شئ مقابل محاضراته، فوافق المدير على الفور وبهذا أصبح لقبه المهني مستشار الأمن المالي فكانت هي أول وظيفة شريفة حصل عليها فرانك أباغنيل، ولكنه لم يكن ينسى بالطبع إلتزامه تجاه مكتب التحقيقات الفيدرالية الذي استمر بإعطاءهم محاضرات
مؤسسة أباغنيل ومشاركوه
نجح فرانك أباغنيل في أعماله في كشف الأحتيال وقرصنة المعلومات نجاحاً منقطع النظير فاسس شركة بإسم أباغنيل ومشاركوه وأ تفق مع كتاب وصحفيين لتوثيق سيرته الذاتية ، وأفتتح موقعاً على الأنترنت لعرض نتاج جهوده والذي ذكر فيه أن مجموع المؤسسات التي استفادت من خبراته كان قد بلغ 14 الف مؤسسة ما بين بنك وشركة تصريف مالي وغيرها ، وأصبح البرنامج يعرف بإسم برنامج أباغنيل للوقاية ضد الأحتيال في نوفمبر/تشرين الثاني 2012 استعان مجلس الشيوخ الأميركي رسمياً بخبرة فرانك أباغنيل لاختبار صلاحية وموثوقية بطاقات الضمان الاجتماعي لكبار السن ضمن مشروع الضمان الصحي للمسنين وإختبار صلاحيتها للأستخدام وسبل تجنب إحتمالات النصب او المخادعة فيها
الحالة الأجتماعية
تزوج فرانك أباغنيل من الشابة كيلي التي كانت عميلة لمكتب التحقيقات الفيدرالي والتي كلفت بمراقبته في فترات معينة من حياته وخلف منها ثلاثة أبناء أعداد الدكتور مثنى العمر شبكة الدر للمعلومات
فرانك أباغنيل في حفل العرض الأول للفلم الذي مثل قصة حياته وكان بعنوان أمسكني لو استطعت