أنماط التجاوب الفكري البشري قرأت منذ أمد بعيد مقولة لأحد السياسيين الأمريكان وهو روبرت كندي قالها في خطاب له عام 1964، لكنها ما تزال متداولة لحد اليوم مفادها أن "خمس أفراد الشعب هم معارضين لأي شئء على الدوام" وذلك في معرض إنتقاده لمفارقات الإنتخابات الأمريكية آنذاك فعند عرض موقف ما أو فكرة معينة على مجموعة من الناس فإن تجاوبهم مع الفكرة المعروضة تعتمد على قناعة كل منهم بالفكرة وإنسجامها مع تطلعاته ودوافعه الذاتية
هذه الصفحة توضح أنماط التعامل مع حقائق الحياة وعلى أسس علمية وبيولوجية بما يؤدي بالأفراد الى إنتهاج سلوك معين لاسيما في حالات التطرف الديني أو السياسي أو المواقف المعارضة لتلك الحالات لتفسير ذلك سنفترض عرض فكرة معينة في أجتماع يضم 100 فرد في محاولة لكسب التأييد لها،بحيث لا يصاحبها أي إجبار أو قسر على الأفراد وعلى فرض أن الفكرة لا تخترق القانون ولا تتعارض مع العقائد أو المعتقدات، كما أنهم لن يتكلفوا أعباء أو تكاليف مادية، فأن البشر - من حيث تفاعلهم مع الفكرة المعروضة سينقسمون الى مجموعات كما يلي
أولاً : الموافقين مع الحياد ويكونوا من الغالبية العظمى ممن يطلع على الفكرة ولنقل 60% منهم إذ سيتقبلون الفكرة ما بين قناعة ضعيفة (30%) أو قناعة كبيرة (30%) وما بينهما وغالباً ما يكونوا مسالمين يبقون على الحياد ولا يبدون أي فعل بل مجرد توقع ما سيحصل من نتائج أو عواقب ولو أنخرطوا في أية نقاشات فأنها ستكون من باب التشكيك والبحث عن أدلة للنصف الأول من المجموعة أو من باب الحصول على أدلة مضافة لترسيخ موافقتهم للنصف الثاني من المجموعة ثانياً: الموافقين المتحمسين : هناك نسبة قليلة الموجودين ولنقل 15% يتقبلون الفكرة بايمان تام ،تضاف اليهم نسبة ضئيلة ولكنها فاعلة ومؤثرة وهي 5% إذ يتحمسون للفكرة ويجندون أنفسهم للعمل على إنجاحها وتطبيقها والدفاع عنها وكأنهم مؤمنين بها منذ زمن بعيد ثالثاً: المعارضين يقابل تلك الفئين المشار اليهما في ثانياً وعلى النقيض منهما نسبة (15%) يعارضون الفكرة جملة وتفصيلاً ويبدون عدم قناعتهم بها، أما النسبة المتبقية وهي (5%) فيرفض أفرادها الفكرة كلياً ويقفون بوجه كل من يسعى اليها ويعملون على إسقاطها هذه النسب افتراضية بالكامل وعرضة للتغير وفق كل فكرة أو مشورع مقترح ، والمجتمع الذي تعرض فيه
الأسباب الكامنة وراء اختلاف التجاوب
ينبغي التذكير في مثل هذه النقاشات بأن أغلب الناس في المجتمع ينقسمون الى مجموعتين من حيث رغبتهم في أحداث تغييرات أولهما ضد التغيير والرغبة في الحفاظ على ما هو موجود وهم الفئة الأكبر، وثانيهما مع التغيير وتجربة الجديد وهم أقلية نوعما في المجتمعات تعزى المواقف التي يتخذها الأفراد في تقبل أو رفض فكرة جديدة وبغض النظر عن مجموعاتهم، الى عدة أسباب يمكن إيجازها كما يلي
أولاً: التكوين النفسي للفرد وهذه الخاصية قد يتعذر حصرها في قائمة واحدة نظراً لتعدد انماط السلوكيات والمواصفات الشخصية بين البشر ومع ذلك بإختصار نقول أنها ردود فعل الإنسان تجاه الآخرين فهناك من يحمل طبيعة سلبية مقابل آخر له طبيعة إيجابية تجاه الأحداث ، وهناك شخص متطرف في كل نواحي حياته مقابل آخر معتدل، وهناك شخص واعي ومدرك للعواقب والنتائج، مقابل أخر جاهل(حتى وأن كان متعلماً) لا يعي ما يترتب على فكرة ما من عواقب وسلبيات ، هناك من يرغب في إثارة الشغب والمشاكل وآخر يتجنبها في حياته، هناك شخص جرئ ومقدام مقابل آخر خجول وإنطوائي... الخ ثانياً: الخلفية التاريخية للفرد والتي تشمل المفاهيم ذات الصلة بالعرق أو القومية والتقاليد العشائرية والدينية المتوارثة وغيرها، ومدى تلائم أو تعارض الفكرة المعروضة مع خلفيته ثالثاً: الوضع الإجتماعي للفرد ومدى قناعته بعمله فالأفراد الناجحون في حياتهم الإجتماعية غالباً ما يرفضون مغامرة الدخول في أفكار أو تجارب قد لا تكون هناك جدوى من وراءها، يقابلهم الأفراد الفاشلون الذين يحاولون إيجاد أي فرصة جديدة لإتبات وجودهم وأسوأهم هم العاطلون عن العمل رابعاً: السلوكية الإنتهازية: يتميز بهذا النمط من السلوك الأفراد ضعيفي الشخصية الذين يتأثرون بمن حولهم بأقصى سرعة، فلو كان مثل هذا الشخص موجوداً ولو بالصدفة ضمن مجموعة مؤيدة للفكرة فسيكون مؤيداً لها، ولو كان ضمن مجموعة معارضة للفكرة فسيكون معارضاً لها خامساً: التحريض: في كثير من الحالات يلجأ البعض طوعاً أو بدافع ما، لبيان سلبيات أو إيجابيات الفكرة محرضين بذلك لمن حولهم للموافقة أو لرفض للفكرة سادساً : السلوك النفسي الجماعي وقد تبدو هذه النقطة مكررة لما سبقها والصحيح غير ذلك إذ أن السلوك الفردي للإنسان والذي تضمنته النقاط الخمس سابقة الذكر يتغير كلياً أو جزئياً حينما يتحرك الأنسان ضمن مجموعة كبيرة من الجموع البشرية، ويعد عالم الإجتماع الفرنسي غوستاف لوبون أول من تطرق الى هذه الحالة في كتابه "علم نفس الجماهير" الذي نشره عام 1895 وأوضح فيه أن حركة جموع بشرية كالتي تشاهد في التظاهرات تشكل ما يمكن تسميته حالة "الجمهور النفسي" وذلك بأن تندمج الشخصية الواعية للفرد فيتوجه بفكره ومشاعره باتجاه محدد ولكن ينسجم مع الفكر الجماعي للكتلة والذي قد يكون مختلفاً كلياً عما يحمله الفرد، ولكنه يصبح أشبه بالمنوم مغناطيسياً الدكتور مثنى العمر شبكة الدر للمعلومات
لخص روبرت كندي في عام 1964 ردود أفعال البشر في مقولته الشهيرة بأن خمس أفراد الشعب يعارضون أي فكرة على الدوام
ملخص شامل للموضوع
معلومات عن التوزيع الطبيعي للصفات
هذا النمط من الصفات ينطبق على جميع الصفات البشرية الملموسة مثل الوزن أو الطول أو العمر وغيرها أو غير الملموسة مثل الذكاء، والوفاء والشجاعة، والإلتزام ... الخ ويعرف هذا النمط بالتوزيع الطبيعي أو الغاوسي نسبة الى عالم الرياضيات الألماني كارل فريدريش غاوس
ليس هذا فقط بل أن جميع التجارب في علم البيولوجي وعلم السموم تخضع لهذه القاعدة بكل دقة، ففي علم السموم حين تتعرض حيوانات التجارب لمادة سامة ما فإن بعض الحيوانات (نسبة 5% تقريباً) تتأثر أكثر من غيرها فتموت عند الجرع القليلة ، والغالبية منها تموت عند التعرض للجرع الوسطية ويبقى عدد قليل من الأفراد مقاومين للمادة السامة، وهذا من الامور التي تحير المشتغلين في هذا المجال الدكتور مثنى العمر