google-site-verification=4RXtEuY20U6TNHzPOfPZnBopOjIfgNk0g1NbJeJvZ-c
الاحساس الغائب بالجمال
![]() جلس رجل في صباح يوم كانوني بارد في محطة قطارات الأنفاق في العاصمة واشنطن
وبدأ يعزف على كمانه مقطوعات موسيقية لبيتهوفن عزف الرجل لمدة 45 دقيقة , مر عليه خلالها آلاف الناس أكثرهم كان ذاهبا إلى عمله .. في ذلك الصباح البارد .. المليء بالعابرين بعد ثلاث دقائق انتبه رجل في الخمسين من عمره لعازف الموسيقى الواقف في احد ممرات المحطة , وهو يعزف على آلته خفف قليلاً من مشيته، ووقف لبضع ثوان ثم تابع طريقه وبعد دقيقة حصل العازف على أول دولار ترميه امرأة في حاضنة الكمان .. ولكن بدون أن تتوقف .. ولو للحظة واحدة أي أن تبرعها كان إحساناً ولك يكن إستحساناً وبعد بضع دقائق ، استند شخص على الجدار للاستماع إليه ، ولكنه بعد قليل نظر إلى ساعته وعاد يمشي من جديد.... من الواضح انه كان متأخراً عن العمل
وأحد أكثر الذين أظهروا اهتمامهم بالرجل كان طفلا عمره حوالي ثلاث سنوات يمسك بيد أمه ويسير بجانبها دون توقف، لكن نظره كان مع العازف .. حتى بعد ابتعادهم عن العازف.. مشى الطفل وهو ينظر للخلف وقد حصل هذا الأمر مع العديد من الأطفال الآخرينجميع الآباء ، ودون استثناء ، كانوا يجبرون أبناءهم على السير رغم نظرات الأطفال للعازف وانتباههم لطريقة عزفه وبعد مضي 45 دقيقة أخرى من العزف على الكمان ، ستة أشخاص فقط هم الذين توقفوا واستمعوا للعزف لفترة ثم انصرفوا حوالي عشرين شخصا قدموا له المال..وعادوا للسير, وهم على عجلة من أمرهم لقد جمع العازف 32 دولارا حتى الآن وبعد انتهاء العزف , عمّ الصمت محطة المترو، لكن لم ينتبه لذلك أحد .. ولم يصفق له أو يشكره أحد ![]() كانت تلك تجربة لدراسة في علم الاجتماع بإشراف صحيفة واشنطن بوست فقد كان عازف الكمان هو موسيقار شهير وقف على قارعة الطريق في واشنطن عند الصباح ليعزف مقطوعة لبيتهوفن أمدها 45 دقيقة فحصل على 32 دولار فقط
واستمع اليه عدد قليل من أشخاص توقفوا عنده لدقائق... نفس العازف الذي لم يستمع اليه أحد كان قد عزف المقطوعة نفسها قبل ذلك بيومين، في أحد مسارح بوسطن وكانت البطاقات قد نفذت وسعر البطاقة الواحدة 100 دولار كما لم يعرف المارة أن عازف الكمان هو "جوشوا بيل " أحد أشهر وأفضل الموسيقيين في العالم وقد كان يعزف إحدى أعقد المقطوعات الموسيقية المكتوبة على الكمان في العالم والتي تقدر قيمتها بـ 3.5 ملايين دولار إنه جوشوا بيل[1] عزف متخفياً في محطة مترو الأنفاق كجزء من تجربة اجتماعية قامت بها صحيفة الواشنطن بوست لدراسة الإدراك الحسي والذوق والأولويات عند البشر وكانت الخطوط العريضة لنتائج هذه التجربة هي في بيئة عامة غير ملائمة .. وفي وقت غير ملائم هل لدينا القدرة على استشعار الجمال ؟ هل نتوقف لنقدر الجمال حق قدره ؟ هل نستطيع أن نميز الموهبة في مكان غير متوقع ؟ إذا لم يكن لدينا الوقت للوقوف للحظة واحدة .. وسماع عزف أعظم عازف لأجمل مقطوعة موسيقية في تاريخ الفن يا ترى كم من الأشياء الجميلة الأخرى التي نمر بها كل يوم دون أن نعيرها أي اهتمام في هذه البيئة المكتظة بالخراب واللغو في هذه البيئة الموبوءة بالجنون واليأس بيئتنا نحن ؟؟؟ ----------------------------------------------------------- [1] جوشوا ديفيد بيل Joshua David Bell ، عازف الكمان الأمريكي ولد في 9 ديسمبر 1967 )يهودي) ، مارس العزف على الكمان منذ سن الرابعة من عمره وكان أول ظهور له في قاعة كارنيجي في عام 1985 مع أوركسترا سانت لويس السمفونية ودمتم سالمين الدكتور مثنى العمر شبكة الدر للمعلومات |