- مبدأ التدرج في الجزاء بحيث يكون الجزاء جسيما كلما كان الضرر جسيما فإلقاء كمية محدودة من الملوثات إلى البيئة لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تتساوى في الجزاء مع إلقاء كمية كبيرة أو إلقاء مجموع من الملوثات الخطرة أو الشديدة السمّية - الابتعاد عن مبدأ الجزاء المستحيل حيث تعمد الكثير من القوانين العربية إلى فرض جزاء باهض على كل من يخالف القوانين البيئية مما يدفع المواطن إلى محاولة الالتفاف على القانون بدلا من احترامه. بل إن الجزاء المستحيل يعمق الشعور بأن مفهوم حماية البيئة هو مفهوم معيق للاستثمار الاقتصادي - اعتماد مبدأ المكافأة المتمثل بالنص على بعض الإعفاءات الضريبية للمشاريع الملتزمة بالمحددات البيئية
المحور الثاني: الردع: بحيث تكون النصوص القانونية من الكفاءة للحيلولة دون تكرار فعل التلويث مرة أخرى بما يؤمن تحقيق الهدف الثاني من التنمية البيئية آلا وهو تطوير عناصر البيئة فلا يمكن تحقيق تطور في عناصر البيئة إذا كانت هذه عرضة للضرر باستمرار. هذا و عادة ما يخلط المشرع العربي بين الجزاء المستحيل و الردع حيث يسود الاعتقاد ان فرض غرامة باهظة مثلا كفيلة بتحقيق عنصر الردع و لكن التطبيق العملي يشير كلما زاد مبلغ الغرامة كلما اشتدت محاولات الالتفاف عليها مما يؤدي في النهاية إلى عدم احترام القانون البيئي فالردع هو إي اجراء يقود الى الحيلولة دون تلويث البيئة ويمكن للمشرع البيئي أن يعتمد المبادئ الآتية التنوع في الجزاء بما يتماثل مع طبيعة فعل التلويث بما في ذلك الغرامة التصاعدية مقيسة على حجم الضرر، وصولا إلى إزالة المخالفة على نفقة الجهة المخالفة فلو أن جهة ما قامت بإلقاء نفايات في ساحة عامة مثلا فالهدف هو إزالة النفايات اولا وقبل كل شيء و ليس فرض غرامة باهظة على هذه الجهة
فرض جزاء جسيم في حالة" العود" ذلك إن العودة إلى المخالفة سواء أكانت عن عمد أم إهمال تهدد وعلى نحوٍ خطير هدفي التنمية البيئية. بمعنى إنها تقضي على التنمية البيئية من جذورها ومن هنا يتأتى التشديد في الجزاء. فلو عادت هذه الجهة الى القاء النفايات يكون الجزاء غلق المشروع لحين ازالة النفايات
حيث يغطي المحورين السابقين عنصر المحافظة على البيئة كما يؤمنان الحماية القانونية له
المحور الثالث : تطوير عناصر البيئة يجب ان يؤمن القانون الإجراءات اللازم اتخاذها لتحقيق زيادة ايجابية في عناصر البيئة بما يحقق التنمية البيئية مثال ذلك الزام القطاعات والهيئات الحكومية باتخاذ الإجراءات الكفيلة بتحقيق هذه الزيادة بحيث يتم توجيه نشاطاتها لخدمة هذا الهدف كأن تعمد وزارة العلوم والتكنلوجيا مثالا الى تطوير التقنيات النظيفة بيئيا او الزام وزارة الصناعة والمعادن بتصنيع هذه التقنيات وتوفيرها
وينجم عن ذلك إيجاد القدرة أو المكنة الفاعلة على مواجهة المشاكل البيئية والتصدي لها بما يؤمن المحافظة على عناصر البيئة
الحد من المشاكل البيئية و مخاطر التلوث إلى الحد الأدنى، بما في ذلك الحيلولة دون نشوء المشكلة البيئة وصولا إلى السيطرة عليها ومن ثمة الحيلولة دون ظهورها مرة أخرى. فضلا عن ضمان استمرارية المحافظة على عناصر البيئة وتطويرها بما يؤمن تنميتها
الخاتمة تتحقق التنمية البيئية من خلال اعتماد قانون بيئي يؤمن المحافظة على عناصر البيئة فضلا عن تطويرها على اعتبار أن التنمية البيئية هي جزء لا يتجزأ من تنمية موارد البلد ككل وعلى اعتبار أن التنمية البيئية يمكن أن تشكل موردا ثابتا من موارد الدولة. و بشكل يتحول معه القطاع البيئي الى قطاع منتج فضلا عن اعتباره مساهم اصيل في رفد الدخل القومي
الأساس القانوني للتنمية البيئية
الدكتورة مشكاة المؤمن أستاذة زائرة في مؤسسة القانون البيئي في واشنطن و استشارية قانونية
مقدمة يُنظر الى قطاع البيئة على انه قطاع مستهلك، بمعنى ان هذا القطاع يعتمد بالدرجة الأولى على انقاق موارد الدولة للمحافظة على البيئة دون ان يساهم هذا القطاع في زيادة موارد الدولة. وقد كانت هذه النظرة السبب في قلة الموارد المالية الحكومية المخصصة للأنفاق على هذا القطاع فضلا عن النظر له على انه قطاع معيق للمشاريع الاستثمارية او الصناعية على حد سواء. إلا إن مفهوما حديثا اخذ بالظهور على الساحة البيئية –خاصة بعد تزايد الاهتمام بالبيئة – آلا وهو التنمية البيئية: بمعنى كيف يمكن توظيف القطاع البيئي لزيادة موارد الدولة؟
و يُقصد بـ(التنمية البيئية) تحقيق أفضل إنتاجية في قطاع البيئة قياسا على ما هو متاح من موارد وإمكانيات وصولا إلى الحد الذي يشكل فيه قطاع البيئة رافد دائما للدخل القومي عموما حيث تسعى التنمية البيئة إلى المحافظة على عناصر البيئة الثلاثة من ماء وهواء وتربة وتطويرها بحيث تنعكس هذه المحافظة وذلك التطوير إيجابا على قدرة المجتمع في استثمار هذه العناصر. فالمحافظة على عنصر الماء مثلا توفر الأرضية نحو قيام صناعات تعتمد بالدرجة الأولى على الأحياء المائية ، في حين توفر عملية المحافظة على عنصري الهواء والتربة مناخا أفضل للاستثمارات الزراعية إلى جانب شيوع المفاهيم الحديثة من استخدام الطاقة النظيفة بيئيا واعتبارها مطلبا دوليا بل إن السياحة البيئة تعد موردا ثابتا للدخل القومي في الكثير من الدول كالأردن مثلا
تقوم عملية المحافظة على أساسين
الأول : رقابة دورية صارمة هدفها الوصول إلى تقيم موضوعي لحالة عناصر البيئة للمساعدة في تحديد المشاكل وايجاد الحلول المناسبة بعبارة اوضح للتمكن من تطوير مشاريع تعالج هذه المشاكل. هذا فضلا عن القدرة على معالجة المشاكل اليومية والحيلولة دون تفاقمها و تحولها الى مشاكل مزمنة الثاني : القدرة على معالجة حالات التلوث-من خلال المتابعة الحثيثة و المستمرة- بدءً من السيطرة عليها و الحيلولة دون تفاقم المشكلة البيئية من خلال محاصرتها و ابقاء مستوى التلوث عند حد معين وصولا إلى الحد من انتشارها سواء عموديا من خلال زيادة مستوى التلوث او افقيا من خلال زيادة عدد المساحات او الأماكن الملوثة وانتهاءً بالحيلولة دون ظهورها مرة أخرى
يستند الاساس القانوني في جوهره على تامين حماية قانونية لعناصر البيئة الثلاثة بما يحقق الهدف من التنمية البيئية المتمثل بالمحافظة عليها أولا و تطويرها ثانيا. بمعنى تامين الغطاء الشرعي للحيلولة دون تلويث البيئة حيث يؤدي تلوث هذه العناصر الى القضاء نهائيا على مفهوم التنمية البيئية و يسند هذا الاساس على ثلاثة محاور المحور الأول: المنع؛ و يقصد بـ ( المنع) الحيلولة دون تلويث عناصر البيئة فلا بد أن تكون نصوص القانون البيئي من الكفاءة بمكان بحيث تؤمن حماية قانونية فعالة تحول دون وقوع فعل التلوث ابتداءً بحيث يكون واجب " المنع" هو الهدف الأول من التشريع. وبعكسه ينتفي عنصر المحافظة و هو الهدف الأول من التنمية البيئية. حيث يمكن للمشرع البيئي أن يعتمد المبادئ الآتية - يدور الجزاء وجودا وعدما مع حدوث الضرر؛ فالضرر الحاصل على عناصر البيئة هو محور المسؤولية، حيث تعتبر المسؤولية قائمة مادام الضرر حاصلا ، وذلك اعتماد على حجم الضرر الحاصل لعناصر البيئة فضلا عن ما فات من حجم التطور الذي كان يمكن إن يتحقق، لولا هذا الضرر الناجم عن فعل التلويث. - أن يصل الجزاء إلى الحد الذي يجبر الضرر بحيث يزيل إي اثر سلبي لحق عناصر البيئة. فالهدف من الجزاء البيئي ليس فرض العقوبة بل حماية عناصر البيئة بشكل فعال