حين هُزمت أمريكا أمام العرب عندما كان العرب مهابون
أنها ليست حلم ولا أسطورة، فقد أنكسر الأسطول الأمريكي أمام العرب المسلمين في أكثر من مرة ما بين الأعوام 1800 لغاية 1805
قبطان يدفع الجزية للحاكم العربي
يروي التاريخ أن معارك شرسة كانت قد دارت رحاها بين طرفين أولهما الأسطول الأمريكي بمساندة السويد وثانيهما مناطق شمال أفريقيا والتي تشمل طرابلس، وتونس والجزائر وكانت جميع هذه المناطق تابعة الى الدولة العثمانية آنذاك، بالإضافة الى سلطنة مراكش وكانت مستقلة ، وكانت الغلبة في تلك المعارك للجانب العربي بلا أدنى شك، لكن هذه المعارك طويت في صفحات النسيان
كانوا الأوربيون والأمريكان يطلقون على هذه المناطق أسم المناطق البربرية ولهذا السبب فقد عرفت المعارك التي جرت فيها بنفس هذا الأسم أي الحروب البربرية والتي جرت فيما بين عامي 1800-1805 والتي هزم فيها الأسطول الأمريكي شر هزيمة أمام العرب لاكثر من مرة
سبب نشوب تلك المعارك أن سفن التجارة الأمريكية والسويدية والأوربية الأخرى كانت كثيراً ما تتعرض الى هجمات قرصنة يقوم بها أفراد من مناطق شمال أفريقيا، فيقومون بإحتجاز البحارة لحين دفعهم الفديات التي يفرضها عليهم العرب، كما يسوقون الكثير منهم ويبيعونهم كعبيد ، وفي الحقيقة فقد ذاقت الدول الأوربية الأمرين من الهجمات العربية على سفنهم التجارية ، وقد قدر عدد الأوربيون والأمريكان الذين أسروا وبيعوا عبيداً في القرون السادس عشر ولغاية القرن التاسع عشر بنحو مليون شخص، وكانوا من دول أوربية منها فرنسا وبريطانيا وأسبانيا والبرتغال وغيرها
بعد جهود مطولة بين الطرفين (أي الولايات المتحدة والسويد وفرنسا وغيرها من جهة ومناطق شمالي أفريقيا من جهة ثانية) توصل الجزائريون في عام 1795 الى أتفاقية بهذا الخصوص مع الحكومة الأمريكية دفعت بموجبها الأخيرة مبلغ مليون دولار لإطلاق سراح 115 بحار أمريكي محتجز لدى الجزائر، على أن يشمل المبلغ أيضاً التعهد بالتوقف عن عمليات أسر البحارة الأمريكان، وكان من نتائج هذه العمليات أن عمدت الحكومة الأمريكية الى تأسيس البحرية الأمريكية في عام 1798 لكي تحمي السفن التجارية
محاولات التوصل الى أتفاقيات
العرب الجزائريون يقتادون عدداً من الأسرى الأوربيون وهم مكبلين بالحديد
لكن الحال ما لبث أن تفاقم حين طلب الحاكم العثماني آنذاك وكان يوسف باشا القرمانلي من أمريكا رسمياً دفع رسوم لقاء الإبحار في البحر المتوسط، في وقت كانت فيه السويد قد رفضت ذلك ودخلت في معارك ومناوشات مع السكان العرب منذ عام 1800 ، أما الامريكان فقد شعروا في هذه المرة أنهم في مركز أقوى بعد تأسيس البحرية الأمريكية فرفض الرئيس الأمريكي آنذاك توماس جفرسون هذا الأمر بصورة قطعية وكان قد أستلم مهامه الرئاسية عام 1801
إنزال العلم الأمريكي وحرقه وطرد القنصل
أغضب هذا الرفض الحاكم العثماني القرمانلي الذي أعلن الحرب على الولايات المتحدة ليس بإرسال رسالة بل امر بإنزال العلم الامريكي من مبني القنصلية الامريكية في طرابلس وتمزيقه وطرد القنصل الامريكى، في تلك الأثناء علم الرئيس جفرسون بذلك وحاول ترضية الحاكم العثماني بأن أرسل اليه ثلاث فرقاطات بحرية وسفينة بقيادة الكابتن ريتشارد ديل وحمله بضعة هدايا ورسالة ، ولكنه في نفس الوقت أكد عليه بضرورة أتخاذ ما يلزم لحماية أسطوله وأرواح بحارته
وهكذا رحل ديل مع أسطوله الصغير وألتحق به أسطول آخر سويدي وتوجهوا الى طرابلس لفرض حصار غير معلن عليها كوسيلة للضغط ولتقديم الهدية حين تسنح الفرصة، لكن الأمر تغير حين قام الملك فرديناند الرابع بتقوية أسطول ديل بالمزيد من السفن الحربية والمدافع، ومع ذلك لم تفلح تلك الاساطيل في هزيمة العرب المسلمين، وقد خلدت الاعمال الفنية تلك الانتصارات، لكن المراجع لا تشير اليها بوضوح ومن اهم المعارك التي جرت هي معركة الأول من أغسطس/آب 1801، وفي شهر أكتوبر/تشرين الأول 1802 أستولى الطرابلسيون على السفينة الامريكية فيلادلفيا وهي سليمة ، وتم أسر طاقمها وأقتيدوا كرهائن الى اليابسة، مما ساهم في تعزيز الموقف الذي ظل لصالح العرب لغاية عام 1805 ويعتقد بأن الحكومة الأمريكية قد بعثت بفرقة خاصة تسللت الي السفينة وأحرقتها
نقطة التحول الكبيرة في مجرى الأحداث
نقطة التحول الكبيرة في مجرى الأحداث كانت في ما يسمى بمعركة ديرنة (نيسان/ابريل لغاية آيار/مايو) 1805 حين توجه الجنرال وليام أيتون يرافقه ليوتنانت بيسلس أوبان وقوة من المارينز وعدد من المرتزقة الصقليين والعرب والبربر وعبروا الصحراء من الأسكندرية بمصر الى السواحل الطرابلسية للسيطرة على مدينة ديرنة في طرابلس، وقد تمكنوا بالفعل من ذلك حيث رفعوا العلم الأمريكي فوقها وهي المرة الأولى التي يرفع فيها العلم الأمريكي خارج الأرض الأمريكية، وأصبحت هذه الذكرى عزيزة على البحرية الأمريكية حيث خلدوها في ترنيمة البحرية (أي النشيد الوطني للبحرية الأمريكية) حيث يذكر في السطرين الأول والثاني ما نصه " من مونت زوما الى سواحل طرابلس"...الخ وكان للأستيلاء على المدينة أثره في تقوية المركز الأمريكي في المفاوضات وإنهاء الصراع في المتوسط واستقر الحال في المنطقة لغاية عام 1815 حين نشبت معارك أخرى بين الجزائر والبحرية الأمريكية المقال للدكتور مثنى العمر شبكة الدر للمعلومات