القفزة الخارقة قام غواص الفضاء الاسترالي فيليكس بومغارتنر بإنجاز تاريخي وعلمي هائل في يوم 14 تشرين الأول/ أكتوبر 2012 إنطلاقاً من نيومكسيكو بالولايات المتحدة الأمريكية،بقفزة خارقة من أعلى إرتفاع يمكن الوصول اليه في الغلاف الجوي واستغرق وقت الهبوط إبتداءً من لحظة مغادرة الكبسولة نحو تسع دقائق وفي الحقيقة لابد من الإشادة من الجانب الآخر ببعض المستلزمات التكنولوجية التي مكنته من ذلك، فقد تطلب تصميم وإختبار العديد من المبتكرات التكنولوجية وكما يلي: الكبسولة التي رفعها البالون الى خمس سنوات من الإختبار. وهي عبارة غرفة على شكل حيز كروي تقريباً يبلغ قطره 1,8 متر والذي خصص لمكوث فيليكس أثناء إرتفاعه في الهواء ، وهي مغلفة بشبكة من أنابيب الكروم-المولبيديوم مشابهة لتلك المستعملة في بناء جسم الطائرات، وبذلك ساعدت في إعطاء متانة لغرفة الضغط وتحيط بها قشرة خارجية متألفة من الإسفنج المغطى بالألياف الزجاجية (فايبر غلاس) لتحسين مظهر الكبسولة ككل وكذلك للعزل الحراري إذ تنخفض درجة الحرارة خارجها الى 50 درجة سيليزية تحت الصفر في طبقة الستراتوسفير، هذا فضلاً على المحافظة على الكبسولة لحين عودتها الى الأرض، وقد حافظ ضغط الهواء في داخلها على ضغط قدره 54 كيلوباسكال وهو أكثر بقليل من نصف الضغط الجوي على سطح البحر، وذلك بهدف تجنب الفرق الكبير في الضغط عند الخروج والقفز أما قاعدة الكبسولة فكانت تتألف من طبقتين من الأشكال السداسية اشبه ما تكون بخلية نحل مخصصة لحماية الكبسولة عند وصولها الى الأرض والإصطدام بها لذلك فإنها صممت بحيث تتحمل قوة تعجيل 8 أضعاف التعجيل الأرضي
البالون الذي حمل الكبسولة كان هو الآخر غاية في الإتقان والدقة ، أذ بلغت مساحته السطحية 160 الف متر مربع من غلالة بلاستيكية رقيقة، ارق من شعرة الإنسان بحيث لو جمعت 50 طبقة منه سوية لبلغ سمكها مليمتر واحد فقط ، ومع ذلك كان وزن البالون هو 1700 كيلوغرام ، وحين تم نفخ البالون أصبح مخروطي الشكل بارتفاع بلغ 167 متراً، ولكن حين إرتفع نحو الأعلى أصبح كروي الشكل نتيجة تناقص الضغط الجوي البدلة أرتدى فيليكس بدلة فضائية قامت بتصميمها وتنفيذها شركة ديفيد كلارك التي إضطلعت بصنع البدلات الفضائية لرواد الفضاء على مدى السنوات الخمسين الماضية، وكانت هذه المرة هي الأولى التي أنتجت فيها بدلة بناء على طلب خاص وغير رسمي ، وقد تمت الإستعانة بتصاميم سبق أن نفذت لبدلات طياري طائرات التجسس التي كانت تطير على ارتفاعات عالية جداً ومن بين أهم ميزاتها هي العزل الحراري، إذ بلغت درجة حرارة الهواء الخارجي 68 درجة سيليزية تحت الصفر من جهة والحفاظ على الضغط في داخلها لمنع إصابة الغواص الفضائي بحالة تحول الذائب في سوائله الجسمية الى فقاعات، وهي حالة معروفة لدى غواصي البحر حين يرتفعون الى سطح الماء بسرعة. من جانب آخر تميزت البدلة عن التصاميم السابقة بميزة المرونة الشديدة لتسهيل حركة فيلكس بما يسهل استعادة وضعه المطلوب استعداداً للهبوط على الأرض المظلات : كان فيلكس قد جهز بثلاث مظلات للهبوط وهي كالتالي المظلة الرئيسية والمتكونة من تسعة حجرات هوائية ومصصمة للفتح عند سرعة 150 عقدة أو 277 كم/ساعة المظلة الإحتياط واسمها سايبريس وهي مختصر لكلمات منظومة إطلاق مظلة الهبوط الفضائي، وكانت المظلة مصممة بحيث تنفتح تلقائياً في حالة استمرار الغواص الفضائي في الهبوط بسرعة 35 متر/ثانية وهو على إرتفاع 620 متراً فوق سطح الأرض مظلة التوازن وتقليل السرعة وهذه المظلة مصممة في الأصل لتقليل سرعة الطائرات ومنها مكوك الفضاء وبالتالي تقليل المسافة التي تقطعها على مدرج الهبوط، وكانت هذه هي المرة الأولى التي استعملت فيها مثل هذه المظلة لتقليل سرعة إنسان وليس طائرة منظومة الإتصال : كانت ملحقة ببدلة فيليكس منظومة الإتصال وجهاز تحديد المواقع (جي بي أس) كاميرا التصوير المرتبطة بوكالة التصوير الفضائي لتسجيل جميع وقائع القفزة الطقس وتوقيت القفزة وكان الطقس في أفضل حالاته وبذلك أحد مقومات النجاح العملية التي كان مخططاً لها يوم 8 تشرين الأول/اكتوبر، الا ان الطقس كان سيئاً فاضطر فيليكس لتأجيل العملية ، وفي اليوم التالي كان الطقس حسناً نوعما لكن الإتصالات اللاسلكية لم تكن في أفضل حالها كسر فيليكس بومغارتنر بقفزته تلك ثلاثة أرقام قياسية دفعة واحدة أولها كأقصى ارتفاع أمكن للإنسان الصعود اليه بواسطة بالون، وثانيها أعلى قفزة في الهواء من على إرتفاع 39 كيلومتراً فوق سطح الأرض، وثالثها هي أول انسان يخترق سرعة الصوت بدون مساعدة آلية، وكان ذلك قد تم عند وصوله على إرتفاع 1342,1 كيلومتراً فوق سطح الأرض وهو رقم قياسي رابع تم تسجيله الدكتور مثنى العمر شبكة الدر للمعلومات