بعد إنتهاء سنوات الحرب الباردة بين المعسكرين الغربي (الولايات المتحدة وأوربا) والشرقي المتمثل بدول الاتحاد السوفيتي السابق بدأت الدول تعيد النظر في تحالفاتها وتحزبها فتتعاون على أسس مختلفة عن ذي قبل، فالدول ذات الخلفية الثقافية المشتركة تتعاون سوية وتقاطع الدول المختلفة عنها ثقافياً، وهذا منحى طبيعي لا يمكن الحيلولة دونه في عام 1996 وضع صموئيل هانتنغتون فرضية على شكل مقالة نشرها في مجلة "فورين أفيرز" مفادها أن الحضارات لابد وأن تصطدم ببعضها نتيجة الأختلافات الاجتماعية والثقافية بإعتبارها المحرك الرئيسي للنزاع وليس الاختلافات السياسية أو الإقتصادية كما كان عليه الحال في الحربين العالميتين، أو فكري أيديولوجي كما كان إبان الحرب الباردة ، ثم توسع هانتنغتون بفرضيته وأصدرها على شكل كتاب بالاسم نفسه
أما أما حضارات الرئيسة في العالم المرشحة للإصطدام فهي الحضارة الغربية المتمثلة بالولايات المتحدة الأمريكية وشمالي أوربا الحضارة الاسلامية ممثلة بالدول العربية والإسلامية الحضارة الأرثودوكسية في روسيا والدول الموالية لها الحضارة الصينية الحضارة الهندية الموجودة في شبه القارة الهندية الحضارة الأفريقية الحضارة اللاتينية
ويضيف البعض الحضارة اليابانية كحضارة مستقلة لا بد لها أن تنهض من جديد ويضيف صموئيل هانتنغتون أمريكا الجنوبية كحضارة مستقلة ولها تأثيرها الفاعل الفكرة التي ينطلق منها هانتنغتون هي أن الفرد إبان الصراع الأيديولوجي فأنه يمكن أن يعاني تحولاً فكرياً من الشيوعية مثلاً الى الليبرالية، وقد يكون هناك مواطناً روسي الجنسية شيوعي وهناك مواطن آخر شيوعي ولكنه عراقي الجنسية، أما حينما يكون أساس القناعة هي قومية أو دينية فأن كل فرد يتبنى قوميته ويتمسك بها فمثلاً لن يكون لديك مسلم ومسيحي في الوقت نفسه تنامى الشعور بالتحزب الديني بشكل ملحوظ بعد غزو العراق للكويت، وتشكيل تحالف دولي لإخراجه منها، وقد فسرت جميع القوى والأحزاب الدينية المتطرفة والمعتدلة على حد سواء على أن التحالف الدولي كان تحالفاً ضد الاسلام، وقد أورد هانتنغتون العديد من الأمثلة الأخرى التي تؤيد ما ذهب اليه
أما اليوم فيبدو أن القضية مضت الى أعمق من التخندق الديني وهو التخندق الطائفي فيمكن إيراد الكثير من الأمثلة على التعاون أو الأختلاف المذهبي أو الديني والتي لم تخطر على بال هانتنغتون الدكتور مثنى العمر شبكة الدر للمعلومات