في أحد أيام عام 2006 داهم شخص يدعى تشارلس روبرت مدرسة للبنات الآميشيات في نيكل ماينز/بنسلفانيا، فقام بإطلاق الرصاص على الطالبات في قاعة الدرس، فتوفيت خمسة فتيات في عمر الزهور من بين عشرة فتيات أصبن في الحادث، وبادر القاتل الى الإنتحار في نفس مكان الحادث، وتم تهديم المدرسة، وتبين أن القاتل كان من خارج الطائفة وكان عمله هو توصيل الحليب يومياً الى مستوطنة نيكل ماينزوتبين أن القاتل كان من خارج الطائفة وكان عمله هو توصيل الحليب يومياً الى مستوطنة نيكل ماينز، وعبر مجتمع الآميش في تلك المستوطنة عن قناعته التامة بالقدرية أو الحتمية من خلال إعتبار القاتل غير مذنب نتيجة فعلته الشنعية تلك
وفي اليوم التالي للحادث قام أفراد من عوائل الضحايا الأطفال بمشاركة عائلة القاتل في مراسيم التأبين وزادوا في التعبير عن مشاعر التسامح بأنهم عانقوا زوجة القاتل وأقرباءه لمشاركتهم في التعزية، وفي الشهر التالي للحادث بادر مجتمع الآميش إلى جمع مبلغ من المال وإعطاءه الى أرملة القاتل لإعالة أطفاله الثلاثة وفي اليوم التالي للحادث قام أفراد من عوائل الضحايا الأطفال بمشاركة عائلة القاتل في مراسيم التأبين في أثناء إجراءات الدفن وزادوا في التعبير عن مشاعر التسامح بأنهم عانقوا زوجة القاتل وأقرباءه لمشاركتهم في التعزية، وفي الشهر التالي للحادث بادر مجتمع الآميش إلى جمع مبلغ من المال وإعطاءه الى أرملة القاتل لإعالة أطفاله الثلاثة وقد قدمت مسرحية درامية عن هذا العمل الإجرامي وكانت بعنوان "آميش بروجيكت" وبروجيكت هنا تأتي بمعنى عرض واقع حال أكثر من المعنى المتداول وهو "مشروع" وبذلك يكون عنوان المسرحية هي عرض واقع حال الآميش. بالنظر لدقة تفاصيل حياتهم وإصطدامها مع متطلبات الحضارية فإن الإختلافات في الرأي كثيرة بين الأفراد أو داخل العوائل وأخطرها هو في الكنيسة التي إنقسمت على نفسها الى عدة مدارس أو إتجاهات أهمها مجموعتين رئيستين هما المجددين والمحافظين
يرى البعض بأن معتقدات الآميش هي رفض كافة أشكال الحضارة والمخترعات الحديثة ومحاربتها في حين يرى آخرون انها الناتج الطبيعي لسلوكهم الذي يركز على تفادي الترف. لو إفترضنا جدلاً بأن السيارة والكهرباء ووسائل الترفيه تؤدي الى شعور الإنسان بالترف، فلماذا لا يستخدم الآميش جرارات زراعية لزيادة إنتاجهم الزراعي، فهل استعمال الآلات هي الأخرى وسائل ترف في الحياة؟ هل يتعارض إكمال التعليم مع مفاهيم التواضع والبساطة ؟ أم هو تمرد على الواقع ؟
طائفة الآميش: تطرف ديني أم تمرد
على الواقع ؟
الآميش مجموعة صغيرة نسبياً من البشر يقدر تعدادهم بربع مليون نسمة، يعيشون في الولايات المتحدة ويتوزعون على ما يربو على عشرين مستوطنة وهناك قلة قليلة منهم يعيشون في كندا، ولكن لا يعرف وجودهم في أي مكان آخر في العالم ، يدينون بالمسيحية لكنهم يشكلون طائفة خاصة بدأت في سويسرا في عام 1693 ضمن حركة تجديد العماد (أو الأنابابتستية) ثم استقلوا عنها إثر إعلان داعية سويسري يدعى جاكوب آمان الدعوة الى مبادئه ومنطلقاته، فصار أتباعه يلقبون بالآميش. مالبثت الجماعة أن هربت من سويسرا في عام 1720 وما بعده بسبب إتهام الكنيسة لهم بالخروج عنها فضلاً عن أسباب معيشية أخرى.
للجماعة منطلقين فكريين أساسيين يحكمان حياتهم أولهما هو تمجيد التواضع الشديد والخشونة في العيش، وثانيهما هو الإيمان التام بالقدرية أو الحتمية أي أن ترك كل جوانب الحياة الى ما يمليه القدر وبعبارة أخرى إن مرض أحدهم فهذا قدره وينبغي القبول به وتجنب الفحوص والعلاجات الطبية ! لهذا السبب يموت أفراد الطائفة دون متوسط العمر المتوقع فضلاً عن تفشي الأمراض الوراثية بينهم بحكم عدم التنوع الوراثي وإقتصار الزواج فيما بين أفراد الطائفة فقط بناءاً على المنطلقين سابقي الذكر تطورت عادات وتقاليد الآميش الغريبة والتي تسيطر عليها الكنيسة، ونوجزها كما يلي: يؤمن أفراد الجماعة أيضاً بأن من أسباب حالة التدهور الذي تعيشه البشرية هو التوجهات المادية الدنيوية التي تؤدي بالإنسان الى الترف وبالتالي الشعور بالغطرسة والاستعلاء ، ولهذا فقد أتخذوا موقفاً في حياتهم بإبتعادهم عن كل مظاهر الحضارة والآلات والمخترعات, فلا سيارات ولا معدات ومكائن ولا أجهزة إتصال ولا كهرباء ولا تصوير فوتوغرافي ...الخ ، ويستخدمون العربات التي تجرها الخيول أو الدراجات الهوائية في التنقل ، يمارس رجالهم الزراعة وتربية الحيوانات بدون الإستعانة بأي آلات زراعية أو مواد كيمياوية.
أبدى أفراد الآميش مؤخراً بعض المرونة تجاه قبول تداول العملة كوسيلة لسد إحتياجاتهم والأنصياع للتعليمات بخصوص التصوير الفوتوغرافي ودفع الضرائب والغرامات، ولكن هذه المرونة تختلف من مستوطنة لأخرى بصورة كبيرة ، مع العلم بأن الحكومة الأمريكية أصدرت أمراً في عام 1961 بإعفاءهم من دفع ضريبة التأمين الأجتماعي ليس للتعليم أوالمدارس أهمية كبيرة لا سيما بالنسبة للبنات، فلا يكمل أبناءهم أي تعليم بعد المرحلة الإبتدائية، لذلك يؤسسون مدارسهم الخاصة المتألفة من قاعة واحدة في الغالب، وتقوم بمهمام التدريس بنات الطائفة من غير المتزوجات إذ تتفرغ المتزوجات لشؤون أسرهن. النساء يغطين شعورهن ولا يضعن أي حلي مطلقاً ولا يستخدمن أدوات التجميل أو مواده، ويطغي اللون الأسود عادة على ملابس الرجال والنساء. يعزف أبناء الآميش الموسيقى بآلة واحدة لا يصاحبها أيقاع وعادة ما تكون الموسيقى ذات نبرة واحدة تتراوح ما بين نوتتين أو ثلاث فقط، وبطيئة أي أشبه ما تكون بالتراتيل الدينية رجالهم يطلقون اللحى ولا يشربون الخمر ولا يؤمنون بالإختلاط بين الجنسين، والمعاشرة قبل الزواج عندهم محرمة بالكامل. ومن يخرج عن تعاليمهم يسمونه مبتدع، ويكون منبوذاً وتحرم عليه زوجته