ما يزال سكان المدينة يقطنون في مغارات في الجبال بنفس الطريقة التي كانت سائدة قبل التاريخ، الى درجة أنها توصف بأنها مدن تحت الأرض، والتي يقدر عددها بمئات المجمعات السكنية تحت الأرض والتي لا يعرف عددها بالضبط ويرجع تشكيل البعض منها الى العصر البرونزي، ويبدو أن الغزو المستمر للمنطقة من قبل العديد من الغزاة قد دعا سكانها الى الإختباء في مثل تلك المساكن الخفية، فصار ذلك من ضمن عاداتهم التقليدية اليوم رغم زوال أخطار الغزو، وهناك ستة مواقع تحت الأرض مفتوحة للسائحين اليوم فقط
تتميز المنطقة بالطبيعة الصخرية التي تتخذ أشكالا صخرية غريبة ذات منشأ بركاني في البعض من مناطقها وتمتاز بجمال طبيعي فريد، ولكن من الجانب الآخر فهي تمثل خطراً كامناً لصحة البشر في المنطقة فقد أكدت دراسة سريرية أجريت في عام 1975 بأن ما نسبته 50% من الوفيات في كابادوكيا ناجمة عن حالات سرطانية في غشاء البريتون في البطن وذلك بسبب تلوث طبيعي المنشأ إذ تكثر في المنطقة صخور تحتوي على خامات الزيولايت المعدنية التي تشابه الى حد كبير الياف الأسبست المسرطنة الدكتور مثنى العمر
كابادوكيا:مدينة الكهوف
في وسط الأناضول وبالتحديد في جبال طوروس بمقاطعة نيفشهير في تركيا بالقرب من منابع نهر الفرات، توجد مدينة ما تزال مسكونة رغم أن الحضارة كانت قد ترعرت فيها منذ الأزمان القديمة قبل التاريخ ، وما يزال سكانها الأصليون يعيشون في كهوف جبلية لحد يومنا الحاضر ورد ذكرها لأول مرة في عصر المؤرخ هيرودوتس، وقد سيطر عليها الكثير من الغزاة عبر التاريخ نظراً لموقعها المهم ولسنا هنا في مجال استعراض تلك الإمبراطوريات أو القوى الغازية من سلاجقة وحاثيون ورومان وبيزنطيين وغيرهم ، إذ أن ما نطمح اليه في هذه المقالة القصيرة هو تسليط الضوء على أحد غرائب الحضارات البشرية وسلوك الأنسان في التلائم مع بيئته وإتقاء أخطارها