د-الأسيتالديهايد يوجد في دخان السجائر أو يضاف اليها مع المضافات الأخرى، ويعتقد بأن وظيفته تتلخص في تنشيط التأثير المخدر للنيكوتين فيساعد بذلك على تطوير حالة الإدمان على التدخين هناك مجموعة من الغازات الأخرى ومنها غاز سيانيد الهيدروجين هو غاز سام جداً وقاتل معروف والذي يتكون بعد أحتراق أوراق التبغ في السجائر فيتحلل النيكوتين حرارياً متحولاً إلى مركب سيانيد الهيدروجين وأحادي أوكسيد الكربون والفورفورال وجميعها مركبات سامة أيضاً ولكن بدرجات أقل من سمية النيكوتين . عند وصول مركب سيانيد الهيدروجين إلى الدم عبر الرئتين فإن الدم ينقله إلى الكبد حيث يدخل في تفاعل أيضي متحولاً إلى حاوي على مجموعة سيانات الكبريت الذي يتم تخلص الجسم منه بإفرازه في الإدرار واللعاب و يستخدم هذا المركب مؤشراً حيوياً على تعرض الإنسان إلى دخان السجائر ويفيد في دراسات متابعة أضرار دخان التبغ البيئي
ثانياً: المكونات الدقائقية في دخان السجائر
وهي دقائق مادية متناهية في الصغر ، لا ترى بالعين المجردة إلا إذا كانت على شكل مجموعات وقد تكون دقائق صلبة أو قطيرات سائلة معلقة في الهواء ولذلك فقد تعرف في بعض المراجع باسم : العوالق الصلبة ، وفي الحقيقة فأن ما نشاهده من دخان السجائر وكذلك أي دخان آخر ما هو إلا تجمعات لملايين من هذه الدقائق التي تتراوح أقطارها ما بين 0,01– 10 ميكرومتر ، أهم أنواع هذه العوالق الموجودة في دخان السجائر مقسمة حسب تركيبها الكيمياوي ، ومحسوبة لكل سيجارة أيضاً، وهناك عدد آخر من المركبات مثل الأنابيزين والنورنيكوتين وتوجد بتراكيز قليلة جداً إن كميات الملوثات من العوالق تختلف حسب نوع السجائر والتبغ المستعمل أو خلطة التبغ وغير ذلك ، وفيما أذا كانت السجائر مزودة بمرشح أم بدونه من جهة وتعتمد على سرعة سحب الدخان وعمق النفس المسحوب ( الذي يمثل درجة الاشتعال في طرف السيجارة ) من جهة ثانية
وقد تبين بأن زيادة الحجم المأخوذ من الدخان يؤدي إلى احتواءه على كميات أكبر من العوالق الصلبة ، ومع ذلك فإن العديد من المختصين يرى بأن بعض شركات تصنيع التبغ تقوم بإضافة مادة الكوكاو كمادة تعطي طعماً حلواً على الدخان فتغطي بذلك على الطعم اللاذع لمكونات الدخان لكنها في الوقت نفسه تعمل على توسيع القصيبات التنفسية فتسهل على المدخن أستنشاق كميات أكبر من الدخان مما يزيد من شراهته في التدخين . أهم المركبات المنضوية تحت مجموعة المكونات الدقائقية هي كما يلي
آ-القطران هو في الحقيقة عبارة عن خليط لعدة مركبات كيمياوية ثانوية أغلبها ذو قابلية مسرطنة، ويتصف القطران بكونه سائل غليظ القوام بني اللون لزج، وينتج القطران في جميع انواع السجائر بدون استثناء، لكنه يختلف في كميته من نوع لآخر، ويلاحظ من الجدول بأن أعلى نسبة من نسب المكونات الدقائقية هي للقطران وقد عمد العديد من الشركات المصنعة للسجائر خلال العقود الثلاث الماضية تحت وطأة المتابعة الطبية والقانونية ، إلى تحسين إنتاجها من حيث محتواه من القطران المنبعث، بعد أن تبين بشكل قاطع دور القطران الفعال في إحداث سرطان الرئة، ففي بعض أنواع السجائر البريطانية، أمكن خفض كمية القطران المتولدة من 30 ملغم/سيجارة في فترة الخمسينات إلى حد 6ر13 ملغم/سيجارة في التسعينات ، لكن هناك الكثير من الشكوك بأن تكون جميع الشركات قد انصاعت لمثل هذا التوجه. يساهم المرشح ( الفلتر) بالحد من كمية القطران بدرجة ملحوظة، ومع ذلك فأن النسبة التي تتبقى ما تزال مرتفعة ومنذرة بالخطر في العديد من أنواع السجائر في دول العالم
ب-النيكوتين مركب قلويدي سام واليه تعود أغلب المشاكل الصحية التي تعرف عن استعمال التبغ وهو يمثل النسبة العالية الثانية من بين المكونات الدقائقية المذكورة في الجدول 4-3 ، التي قد تبلغ 2300 ميكروغرام أو أكثر ثبت علمياً بأن النيكوتين يسبب الإدمان للمتعرضين له بنفس الطريقة التي يؤثر بها الهيروين والكوكائين تماماً، اللذان يسببان الإدمان المعروف، ولغرض توضيح شدة سمية مركب النيكوتين فإن قطرة صغيرة منه تزن 60 ملغم فقط لو وضعت على لسان رجل بالغ لقتلته في الحال وبفترة لا تتجاوز دقيقة واحدة، لكن عملية احتراق التبغ في السيجارة تقضي على الغالبية العظمى منه، فلا يتبقى إلا القليل الذي يدخل مع دخان السيجارة فيمتص من الرئتين فوراً ، ويدور مع الدم ليصل إلى الدماغ خلال ثوانٍ فقط فيؤثر فيه، فتكون المحصلة النهائية للتأثير هو تحفيز الجهاز العصبي المركزي، وزيادة معدل ضربات القلب، وضغط الدم، مما يزيد من حاجة القلب إلى الأوكسجين
ج-النتروزمينات عوالق الصلبة في دخان السجائر تعد من أهم المكونات الدقائقية وأكثرها خطراً على صحة المدخن الفعلي والسلبي في نفس الوقت ، ومركبات النتروزمينات عديدة ويصل عددها كمجموعة إلى نحو 80 مركباً معروفاً ومشخصاً ، وقد أثبتت جميع التجارب أنها تمتلك خصائص مسرطنة للجهاز التنفسي فضلاً عن الكبد والمريء والكليتين، ومن المركبات القريبة منها هي النتروزميدات التي تمتلك بدورها خصائص سامة على الجهاز العصبي المركزي والمحيطي وعلى القناة الهضمية، لكن هذه المجموعة الثانية تعد نادرة الوجود نسبيا
يضاف إلى ما تقدم احتواء دخان السجائر على أبخرة بقايا المبيدات التي تستخدم لوقاية التبغ من الحشرات أو الفطريات أثناء الزراعة أو الخزن ، أو أي مركبات أخرى من ملوثات الهواء التي تتساقط على أوراق التبغ أثناء مرحلة الزراعة، والتي تختلف من منطقة لأخرى ولا يمكن تحديدها بالطبع. من جانب ثانٍ، يضاف إلى هذه الدقائق والجسيمات المادية الرماد الذي قد يتطاير بعد احتراق السيجارة إلى الهواء، فيدخل إلى داخل الجهاز التنفسي
مم يتكون دخان السجائر ؟
يتألف دخان السجائر من نواتج احتراق الاوراق النباتية (أوراق التبغ) بالإضافة إلى احتراق غلاف السيجارة الذي هو عبارة عن قطعة ورقية صغيرة، ولذلك فأن الناتج هو دخان يشابه الدخان الناتج من أي عملية احتراق لمواد نباتية أو مواد عضوية، ولكن يزيد عليه بوجود المركبات السامة ومن أهمها النيكوتين
يشير المعهد الوطني للصحة في الولايات المتحدة بأن ما يقارب 4000 مادة كيمياوية غازية أو سائلة يعرف وجودها في دخان التبغ اليوم ومن بينها نحو 400 مادة أمكن تقدير كمياتها بدقة، وتتكون هذه المواد والغازات بسبب عملية الاحتراق من جهة وعملية التحلل الحراري لمواد ومكونات التبغ في المنطقة القريبة من الجمرة وقبيل وصولها إليها وهذه المواد نفسها توجد في دخان المجريين الجاني والرئيسي لكن نسب المكونات تختلف بشكل طفيف مع فارق وجود مواد أخرى تتكون فيما بعد، وبناءاً على ذلك فأن دخان التبغ يتألف بشكل عام من مكونين رئيسيين هما المكونات الغازية والمكونات الدقائقية، وفيما يلي تفاصيل كل منهما
أولاً -المكونات الغازية في دخان السجائر
وهي عدة غازات ( أو أبخرة) وأغلبها سام وتختلف أنواعها وتراكيزها حسب اختلاف التبوغ ومنطقة زراعتها والمواد المضافة لها أثناء التصنيع ، ونوعية عملية الاحتراق الجارية في السيجارة أحياناً. يضاف عليها مركبات بتراكيز أقل مع احتمال وجود تراكيز ضئيلة لأنواع المبيدات التي استخدمت على التبغ أو على الحقول المجاورة للقضاء على الآفات الزراعية فيها جميع نواتج الاحتراق الغازية هذه، تستطيع اختراق جدران الأسناخ الرئوية أو الحويصلات في الرئتين والوصول الى الدم مباشرة وتساعد الخصائص الفريدة للطبقة المبطنة لهذه الحويصلات على سرعة الامتصاص إذ تتميز برقة أغشيتها وكثافة الدورة الدموية فيها وسعة مساحتها السطحية، ولمثل هذه الأسباب يكتسب موضوع وجود ملوثات في الهواء أهمية خاصة اليوم، لان ما يوجد في الهواء ينتقل مباشرة وبسرعة فائقة إلى الدم مسبباً أضراراً صحية للإنسان وسنمر على أهم المكونات الغازية كما يلي
آ- غاز أحادي أوكسيد الكربون وهو غاز سام يتكون نتيجة الاحتراق غير التام للتبغ ، تكمن سميته في قابليته العالية على أختراق الاغشية الرئوية والأتحاد بهيموغلوبين الدم الموجود في خلايا الدم الحمراء وتكوين مركب ثابت نسبياً يعرف بالكربوكسي هيموغلوبين وبالتالي إعاقة عمل الهيموغلوبين في نقل الأوكسجين إلى أنسجة الجسم . تبلغ شدة ميل الهيموغلوبين للإتحاد بأحادي أوكسيد الكاربون نحو 204 مرة أكثر من ميله للإتحاد بالأوكسجين، ونظراً لوجود هذا الغاز في أجواء المدن فإن نسبة من الكربوكسي هيموغلوبين تقدر بنحو 10% من الدم تكون موجودة بصورة طبيعية لدى من يعمل في مناطق حضرية مزدحمة مثل أفراد شرطة المرور ومصلحي السيارات وعمال التنظيف من غير المدخنين أما إذا كانوا مدخنين فإن هذه النسبة ترتفع إلى نحو 20-25% من الدم
عند إرتفاع نسبة الكربوكسي هيموغلوبين في الدم إلى 15% فأكثر يشعر الإنسان بمجموعة من الأعراض لعل في مقدمتها الخمول والخدر العام، بسبب تناقص كمية الأوكسجين الواصلة إلى الدماغ وهو أكثر أعضاء الجسم حساسية تجاه نقص الأوكسجين، يصاحب ذلك تأثيرات جسمية منها أضطراب النبض والتنفس وارتفاع ضغط الدم مع أعراض متباينة آخرى تختلف بإختلاف الأشخاص ومردها إلى بعض الاضطرابات العصبية. وتساعد بعض العوامل البيئية على زيادة هذه التأثيرات على الجسم ومنها العيش في المدن الجبلية مثلاً ، إذ أن زيادة الارتفاع لكل 335 قدم عن سطح البحر يصاحبها إنخفاض الضغط الجزئي للأوكسجين وبالتالي زيادة في شدة تأثير غاز أحادي أوكسيد الكاربون بنسبة 1 بالمئة يمثل نقص الأوكسجين المنقول بواسطة الدم بالنسبة للأم الحامل خطراً مباشراً وأكيداً على صحة الجنين وهذا هو أحد مبررات تحذير الأم الحامل من التدخين كما سيلي شرح ذلك لاحقاً، وهناك عدد آخر من المبررات بالطبع
ب-أكاسيد النتروجين هما غازي أحادي أوكسيد النتروجين وثنائي أوكسيده وقد يكون هناك ثلاثي أوكسيده، لكن الشكلين الأول والثاني هما أكثر الأشكال شيوعاً، ويعتبران من ضمن الغازات السامة الموجودة في دخان السجائر، وإضافة على ذلك، فهما يشكلان المواد الاولية اللازمة لتفاعل يؤدي الى تكون مركبات النتروزمين الخطرة ذات التأثيرات المسرطنة. يحتوي دخان السجائر على تراكيز تتراوح ما بين 98-135 ملغم/مكعب من غاز أوكسيد النتريك ( أي ما يعادل 80-110 جزء بالمليون ) وتراكيز تتراوح ما بين 150-226 ملغم/مكعب من غاز ثنائي أوكسيد النتروجين (وهو ما يعادل 80-120 ج.م.). غاز أحادي أوكسيد النتروجين بحد ذاته غير سام ، ويمتلك قابلية الاتحاد بهيموغلوبين الدم في الانسان تبلغ 1500 مرة بقدر قابلية غاز أحادي أوكسيد الكربون الذي مر ذكره ، ولكن من حسن حظ الإنسان ،لا يمتلك هذا الغاز القابلية على أختراق أغشية الحويصلات الرئوية والوصول إلى الدم الارتباط بالهيموغلوبين. أما غاز ثنائي أوكسيد النتروجين وهو الشكل الأكثر وجوداً في الهواء وفي دخان السجائر، فهو غاز سام، وسميته تقع على أِشكال عدة في مقدمتها تأثيره المخرش على الأنسجة الرئوية فضلاً عن سميته الخلوي
ج-غاز الأمونيا تضاف إلى السجائر مركبات تؤدي إلى إنبعاث غاز الأمونيا الذي يحول الأس الهيدروجيني إلى قاعدي فيساعد ذلك في تقوية عمل النيكوتين ويحسن من امتصاصه في الجسم ويسهل الإدمان عليه. يحتوي دخان السجائر على نحو 42 مكغم /سيجارة من غاز الامونيا وبذلك فأن المدخن الذي يستهلك 20 سيجارة يومياً سيتعرض إلى جرعة يومية تصل إلى 0,8 ملغم /يوم ، ومعلوم أن التراكيز الواطئة من هذا الغاز تذوب في المواد المخاطية في القصبات لتحيلها إلى إفرازات قاعدية التفاعل ، أما التراكيز الأعلى فتتمكن من الوصول إلى الرئتين لتذوب في السوائل الرئوية مسببة تخلخل التوازن الحامضي-القاعدي الدقيق الذي تمتاز به الأنسجة الجسمية. كذلك تسبب زيادة التراكيز تخرش البلعوم و حدوث سعال شديد ، والذي هو رد فعل فسلجي دفاعي للجسم تجاه ما يتعرض اليه تنفسيا